انتقلت القهوة إلى أوروبا في القرن السابع عشر، وقد كانت البندقية من بين أولى المدن الأوروبية التي شهدت ظهورها. البندقية كانت تعتبر مركزًا تجاريًا هامًا بين الشرق والغرب، ولذلك فقد كان لها الدور الأكبر في إدخال القهوة إلى الثقافة الأوروبية. في البداية، كانت القهوة موضوع شك ونقاش حول مدى ملاءمتها مع العادات والأعراف الأوروبية، خصوصًا من الناحية الدينية.
بمرور الوقت، بدأت المقاهي تفتح أبوابها في مدن كبيرة مثل باريس ولندن وفيينا، وأصبحت مكانًا للنقاش الفلسفي والثقافي والاجتماعي. في فرنسا، مثلاً، كانت المقاهي مراكز للثقافة والفلسفة ولعبت دورًا في الثورة الفرنسية. وفي إنجلترا، تحولت المقاهي إلى ما يعرف بـ "Penny Universities"، أو "الجامعات البنسية"، حيث كان بإمكان الناس دفع بنس للحصول على فنجان من القهوة والانخراط في نقاشات عقلانية.
بالإضافة إلى ذلك، أصبحت القهوة جزءًا من العادات والتقاليد اليومية في أوروبا، من الإسبريسو في إيطاليا إلى القهوة الفلتر في الدول الاسكندنافية. وفي هذا السياق، يمكن القول إن القهوة لم تكن مجرد مشروب انتقل من الشرق إلى الغرب، بل أصبحت جزءًا من الهوية الثقافية لعدة دول أوروبية.
لا يمكن تجاهل دور التجارة والاستعمار في توسيع نطاق زراعة وتوزيع القهوة على مستوى عالمي. الدول الأوروبية كانت لها دور كبير في نقل بذور القهوة إلى مستعمراتها في العالم الجديد، مثل البرازيل وكولومبيا، التي أصبحت فيما بعد من أكبر المنتجين للقهوة عالميًا.
وفي الوقت الحاضر، لقد تحولت القهوة في أوروبا إلى صناعة ضخمة مع ثقافة متنوعة ومتطورة. مع وجود التكنولوجيا، أصبح من الممكن للمستهلكين في أوروبا الوصول إلى أنواع متعددة من القهوة من جميع أنحاء العالم بسهولة أكبر من أي وقت مضى، من القهوة المختصة الفاخرة إلى الإصدارات المُحسنة بالنكهات.
إجمالًا، القهوة ليست مجرد مشروب في أوروبا؛ إنها تجربة تعكس التطور الثقافي والاجتماعي للقارة على مر العصور.