يُعتقد أن القهوة اكتُشفت لأول مرة في إثيوبيا، حيث يُروى أن كالدي الإثيوبي لاحظ تأثير حبات القهوة على الغنم. تُحمص هذه البذور وتُغلى للحصول على مشروب نكهته غريبة ولكنها جذابة.
تقول الأساطير أن كل شيء بدأ في أراضي إثيوبيا الخضراء، حيث يُروى أن كالدي أو "خالدي" كان أول من اكتشف القهوة بالصدفة. عندما لاحظ كالدي أن غنمه أصبحت أكثر حيوية بعد تناولها لبعض الحبات الغريبة، قرر تجربتها لنفسه. لكن الحبات الخام كانت مرة جدًا، فقام بطهيها في الماء. النتيجة؟ مشروب عبق رائع قادر على منح اليقظة والحيوية.
لكن القصة لم تنتهي هناك. رؤية كالدي لهذا المشروب العجيب لم تقتصر على مجرد مصدر للطاقة، بل رآى فيه شيئاً أكبر، ربما طريقة جديدة للتأمل، لإلهام الأفكار وتبادل الحوارات. هكذا، من دون أن يدري، وضع كالدي أساسًا لثقافة القهوة التي ستتطور وتنتشر لاحقًا لتصبح عالمية.
عبّرت الحبوب الصغيرة التي اكتشفها كالدي عن نفسها بلغات متعددة، فمن القهوة العربية "ارابيكا" الرائعة المعروفة بقوامها ونكهتها، إلى الإسبريسو الإيطالي الغني، وصولاً إلى اللاتيه الفاخر، كل نوع يُقدم قصة تاريخية وثقافية تُمثل جزءًا من هذه الرحلة العجيبة.
ومع مرور الوقت، بدأت تطورات جديدة تظهر في عالم القهوة. تبنت القهوة المختصة مفاهيم مثل الاستدامة والتجارة العادلة، وتوجهت الأنظار للجودة والنكهة، وليس فقط للكمية. وبهذا الإطار، تأتينا القهوة المختصة كنتاج لهذه الرحلة الطويلة، مُعبرة عن حبًا ورعاية، فنًا وعلمًا، تاريخًا ومستقبلًا.
وايضاً قيل ان ان كالدي راعيًا ماهرًا، وكان يحب قضاء وقته في الغابة مع قطيعه من الماعز.
ذات يوم،
لاحظ كالدي أن الماعز الخاص به كانت تتصرف بغرابة. كانت الماعز تقف مستيقظة طوال
الليل، وكأن لديها الكثير من الطاقة. قرر كالدي أن يتبع الماعز ليرى ما كانت تفعله.
تبع
كالدي الماعز إلى شجرة صغيرة، حيث كانت تتناول ثمارًا حمراء اللون. تذوق كالدي بعض
الثمار بنفسه، وسرعان ما شعر بالانتعاش والطاقة.
أدرك كالدي أن هذه الثمار كانت مصدرًا للطاقة، وأخذ بعضًا منها إلى قريته. أخبر أهل
قريته عن الثمار، وسرعان ما أصبحت شجرة القهوة شائعة في جميع أنحاء إثيوبيا.
الروايات الأخرى اكدت انه ايضاً في اثيوبيا لكن لا يعرف بالضبط كيف، لكننا يعرف أنها كانت هناك، وسط الغابات الكثيفة، تنمو ببريقٍ طبيعي. بعد ذلك، انتقلت القهوة في رحلة عبر القرون والبحار، مُرَورًا بالعالم العربي، حيث تطورت ونضجت، وكُسِبَت لنفسها مكانة رفيعة في الحياة اليومية والثقافية.
لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد. تجاوزت القهوة البحار والمحيطات، مُتَسَلِلَةً إلى القلوب والعقول. في أوروبا، أصبحت محور المقاهي التي كانت معقل الفلاسفة والكتّاب والفنانين. في الأمريكتين، تحولت إلى صناعة عظيمة، تُوفِر الطاقة للأجيال الصاعدة.
من هنا، بدأت الرغبة في البحث عن الجودة والتميّز، مُرَوِّغة بذلك القهوة المختصة لتصبح مُفهومًا حديثًا يمتدُّ في جميع أنحاء العالم. لم تعد مُجرَد مشروب يُنبِت الشعور بالراحة والدفء، بل أصبحت مُمَثِّلَة لفن وثقافة واجتهاد. هي تعبير عن الإتقان في كل شيء، من اختيار البذور والتحميص، وصولًا إلى فن التحضير والتقديم.
وفي هذا السياق، نقدم لكم هذه المدونة، لنأخذكم في رحلة مُدهِشَة لاكتشاف كل ما يُمكن أن تكون عليه القهوة، بعيدًا عن الأفكار التقليدية والأشكال النمطية. تاب.
بالطبع، قصة اكتشاف القهوة لها عدة روايات وتفاصيل تاريخية. بعض النسخ من هذه القصة تتحدث عن كيفية نقل القهوة من إثيوبيا إلى العالم العربي عبر النوبة، أو عبر التجار العرب الذين أدركوا قيمة هذه الحبوب. في اليمن، قيل ان كانوا يشربون القهوة لمساعدتهم على البقاء يقظين أثناء الصلوات الطويلة.
في القرن الخامس عشر، قام التجار العرب بنقل القهوة إلى شبه الجزيرة العربية. سرعان ما أصبحت القهوة شائعة في شبه الجزيرة العربية، وبدأ الناس في صنع مشروب القهوة.
انتقلت القهوة إلى تركيا و في القرن السادس عشر، وصل القهوة إلى أوروبا، وسرعان ما أصبحت مشروبًا شائعًا هناك. أصبحت القهوة جزءًا من الثقافة الأوروبية، حيث فتحت أول مقهى للقهوة في فينيسيا عام 1645، ولاحقًا في باريس ولندن. وظهرت المقاهي في جميع أنحاء أوروبا اليوم،
صورة لأول مقهى في مدينة فينسيا الإيطالية
كما لعب الهولنديون دورًا كبيرًا في نقل شجيرات القهوة عبر المحيطات إلى الهند وجزيرة جاوا في إندونيسيا، مُنشِئين بذلك الأساس لصناعة القهوة على مستوى عالمي.
المزيد من التفاصيل تأتي مع الثورة الصناعية، حيث ظهرت تقنيات جديدة لتحميص وطحن القهوة، وأصبحت متاحة لفئة أوسع من الناس. وفي القرن العشرين، مع ظهور طرق التحضير المُحسَّنة والتقنيات المتطورة، أصبحت القهوة المختصة جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الحديثة.